تهدئة إيران توشك على النفاد.. هل يقرع الغرب طبول الحرب؟

الثلاثاء 21 فبراير 2023 01:14 م

على وقع ملفات أخرى عديدة متشابكة ومتبادلة التأثير، يبدو الملف الإيراني أمام 3 احتمالات أقلها ترجيحا هو استمرار وضع التهدئة العلنية الراهن؛ حيث تواصل طهران إغضاب الغرب على مستويات عديدة.

وهنا يتبقى احتمالان: إما أن تحقق طهران والقوى الغربية اختراقا يعيد إحياء الاتفاق النووي، أو تندلع حرب شاملة يتواصل منذ فترة التحذير منها وربما التمهيد لها، لاسيما أنها ستحقق مكاسب لأطراف عديدة على ما يبدو، بحسب قراءة "الخليج الجديد" لشواهد وتطورات واستحقاقات متعددة.

وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة ودول خليجية إيران بالسعي إلى أنتاج أسلحة نووية، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية بينها اليمن وسوريا ولبنان العراق.

بينما تقول طهران إن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء، وتشدد على أنها تلتزم بمباديء حُسن الجوار.

وتمتلك تل أبيب، وفق تقارير استخباراتية غربية، ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.

انهيار المحادثات

في عام 2015 جرى توقيع اتفاق بين إيران من جهة والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، بالإضافة إلى ألمانيا من جهة أخرى.

وهذا الاتفاق فرض قيودا على برنامج إيران النووي لمنعها من إنتاج أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.

لكن في 2018 انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بشكل أحادي من الاتفاق وأعادت فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، ما دفع طهران إلى التوقف عن الالتزام بالعديد من بنود الاتفاق.

وبوساطة أوروبية، شرع الطرفان منذ فترة في مباحثات شاقة لإعادة إحياء الاتفاق، لكنها  انهارت جراء خلافات بين طهران وواشنطن حول مسودة نص نهائي لاتفاق تقدم به الوسيط الأوروبي.

تخصيب اليورانيوم

بعد فترة هدوء نسبية في الملف النووي، تصاعدت المخاوف وتركزت الأنظار بشدة على إيران، حين نقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية الأحد عن مصدرين دبلوماسيين كبيرين إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكتشفت، الأسبوع الماضي، أن طهران خصبت اليورانيوم إلى مستوى 84%.

وشدد المصدران على أن هذه النسبة هي أعلى درجة نقاء يكتشفها المفتشون الدوليون في إيران حتى الآن، وتقل بـ6% فقط عن التركيز المطلوب لإنتاج سلاح نووي.

واكتفت الوكالة الدولية بالقول إنها تناقش نتائج أنشطة التحقق الأخيرة مع طهران، وإنها على علم بالتقارير الإعلامية الأخيرة المتعلقة بمستويات تخصيب اليورانيوم في إيران.

أما طهران، وعبر وكالة "إرنا" (رسمية)، فنفت صحة تقرير "بلومبرج"، واعتبرته محاولة "لممارسة أقصى قدر من الضغط لاستكمال الاتهامات الأخيرة لكبار الدبلوماسيين الأمريكيين لخلق مساحة وفرض أجندة جديدة ضد إيران في الاجتماع المقبل لمجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية (في 6 مارس/ آذار المقبل)".

 

تسليح روسيا

في ملف متداخل آخر، تبدو الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في حالة غضب من استنزاف قدراتهم العسكرية في دعم أوكرانيا لصد الغزو الروسي المتواصل منذ نحو عام بدعم من إيران، وفق رواية غربية تنفيها طهران.

وتقول عواصم غربية إن طهران زودت موسكو بمئات "الطائرات الانتحارية بدون طيار" وأرسلت مدربين من الحرس الثوري إلى شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي تحتلها روسيا لتدريب الجنود الروس في حرب الطائرات بدون طيار.

وساهمت تلك الطائرات، بحسب الرواية الغربية، في عمليات تدمير بكييف وأوديسا ومدن أوكرانية أخرى، حيث تم استخدامها لتدمير خطوط السكك الحديدية وشبكات الكهرباء وأنابيب المياه والبنية التحتية المدنية الأخرى في جميع أنحاء أوكرانيا.

وعلى الرغم من الانتقادات وأحيانا التهديدات الغربية، إلا أن إيران يبدو أنها متمسكة بتحالفها وشراكتها الاستراتيجية مع روسيا، لتحقيق مكاسب عديدة ضمن مصالح متبادلة.

وتسعى طهران إلى الحصول على مساعدة نووية من موسكو، حيث يمكن أن تساعد روسيا الإيرانيين على تطوير برنامجهم النووي بسرعة أكبر وتقليص الوقت اللازم لتجميع سلاح نووي، وفق الاستخبارات الامريكية.

انتخابات بايدن

يبدو كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحاجة ماسة داخليا إلى تحقيق إنجاز يمنع إيرن من إنتاج سلاح نووي إما عبر إحياء اتفاق 2015 أو الحرب في نهاية المطاف.

ومن خلال الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، يأمل الديمقراطي بايدن في البقاء داخل البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية.

وعادة ما تتصدر إيران ملفات سياسة واشنطن الخارجية في أي انتخابات أمريكية، إذ يعتبر الأمريكيون طهران تهديدا خطيرا للحلفاء والمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

خطة نتنياهو

أما نتنياهو فقد أحدث تشكيله لحكومة ائتلافية يمينية، في 29 ديسمبر/ كانون الماضي، انقساما حادا على المستويين السياسي والشعبي في إسرائيل، حيث توصف حكومته بـ"الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل".

والثلاثاء، احتشد نحو 100 ألف محتج في مدينة القدس المحتلة رفضا لخطة طرحتها الحكومة لـ"إصلاح القضاء"، وتعتبرها المعارضة "انقلابا على الديمقراطية"، بينما يرى نتنياهو أنها تعيد التوزان بين السلطات.

وخلال لقاء مع نتنياهو ووزير القضاء ياريف ليفين قبل أيام، حذر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار من احتمال انفجار الأوضاع في إسرائيل جراء الغليان في الشارع على خلفية خطة "إصلاح القضاء"، بحسب صحيفة "هآرتس" العبرية الثلاثاء.

ووضع نتنياهو هذا قد يدفعه إلى الحرب مع إيران لتحقيق مكاسب إضافية أبرزها توحيد الساحة الإسرائيلة خلفه ولاحقا تعزيز قبضته على السلطة بما يضمن تمرير سياساته المثيرة للجدل والانقسام.

وكعادة حكومات إسرائيل، يعتمد نتنياهو حتى الآن مع إيران مقاربة: لا تهدئة شاملة ولا حرب شاملة. وهو ما تجسد في اتهامات طهران لتل أبيب بشن هجمات على منشآت إيرانية أبرزها المنشأة العسكرية في أصفهان نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

كما يتبادل الطرفان اتهامات باستهداف سفن تابعة لكل منهما في مياه إقليمية حيوية، إلى جانب الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة ضد ما تقول تل أبيب إنها أهداف إيرانية في سوريا.

على هذه الأرضية، فإنه ما لم يتحقق اختراق يعيد طهران إلى ساحة الاتفاق النووي، يبدو أن هذا المشهد المتعدد الحسابات والمصالح أيضا قد يتجه نحو تصعيد عسكري أكبر وربما يتحول إلى حرب علنية شاملة.

وتدعم هذا الخيار حالة عدم اليقين بشأن ما بلغته إيران من مستوى في تخصيب اليورانيوم واحتمال اقترابها بالفعل من إنتاج سلاح نووي في أي لحظة، سواء بجهود ذاتية أو مساعدة روسية، بالإضافة إلى دور طهران في الحرب الروسية الأوكرانية المكلفة جدا للغرب.

تمهيد وتحذير

في هذه الأجواء، وفي تصريح اعتبره مراقبون "ضوءا أخضر"، قال السفير الأمريكي لدى تل أبيب توم نايدس، الأحد، إن إسرائيل لديها الحق في فعل ما يجب القيام به ضد إيران، مشددا على أن بلاده  تدعمها في ذلك.

نايدس أضاف، خلال مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية- الأمريكية بالقدس، إن "الاتفاق النووي الإيراني مجمّد حاليا، وليست هناك فرصة اليوم للعودة إلى طاولة المفاوضات".

وتابع: "كما قال الرئيس بايدن، لن نجلس هنا ونراقب إيران وهي تحصل على سلاح نووي. جميع الخيارات مطروح على الطاولة".. تهديد إيران النووي ليس لإسرائيل فحسب، بل للشرق الأوسط وأمريكا أيضا".

واستنادا إلى تقرير "بلومبرج"، ذهبت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن إيران توشك أن تصبح دولة نووية، وأن إسرائيل والولايات المتحدة تدفعان بالخطط العملياتية ضد إيران بسبب زيادة تخصيب اليورانيوم.

وضمن مخاوف خليجية من تداعيات أي حرب محتملة في المنطقة، حذر رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني من عمل عسكري قد يهز منطقة الخليج.

((7))

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران البرنامج النووي إسرائيل الولايات المتحدة الغرب روسيا

الكونجرس الأمريكي يتحرك لزيادة دعم دول الخليج وإسرائيل عسكريا ضد إيران